كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


تنبيه‏:‏ أخذ الصوفية من هذا أنه ينبغي للعارف تحمل من آذاه من جار وغيره‏.‏

- ‏(‏حم ق‏)‏ كلاهما في الأدب ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ وفي الباب غيره‏.‏

7578 - ‏(‏ليس الصيام‏)‏ في الحقيقة ‏(‏من الأكل والشرب‏)‏ وجميع المفطرات ‏(‏إنما الصيام‏)‏ المعتبر الكامل الفاضل ‏(‏من اللغو‏)‏ قول الباطل واختلاط الكلام ‏(‏والرفث‏)‏ الفحش في المنطق والتصريح بما يكنى عنه من ذكر النكاح حول المعنى فيه من الظاهر إلى الباطن على وزان ما سبق ‏(‏فإن سابك أحد أو جهل عليك فقل‏)‏ بلسانك أو بقلبك وبهما أولى على ما مر ‏(‏إني صائم إني صائم‏)‏ أي يكرر ذلك كذلك‏.‏

- ‏(‏ك هق عن أبي هريرة‏)‏ ورواه عنه أيضاً الديلمي وغيره‏.‏

7579 - ‏(‏ليس الغنى‏)‏ بكسر أوله مقصوراً أي الحقيقي النافع المعتبر ‏(‏عن كثرة العرض‏)‏ بفتح الراء كما في المشارق وبسكونها على ما في المقاييس لابن فارس متاع الدنيا قيل وكأنه أراد بالعرض مقابل الجوهر وهو عند أهل السنة لا يبقى زمانين شبه متاع الدنيا في سرعة زواله وعدم بقائه زمانين يعني ليس الغنى المحمود ما حصل عن كثرة العرض والمتاع لأن كثيراً ممن وسع اللّه عليه لا ينتفع بما أوتي بل هو متجرد في الإزدياد ولا يبالي من أين يأتيه فكأنه فقير لشدة حرصه فالحريص فقير دائماً ‏(‏ولكن الغنى‏)‏ المحمود المعتبر عند أهل الكمال ‏(‏غنى‏)‏ القلب وفي رواية ‏(‏النفس‏)‏ أي استغناؤها بما قسم لها وقناعتها ورضاها به بغير إلحاح في طلب ولا إلحاف في سؤال ومن كفت نفسه عن المطامع قرت وعظمت وحصل لها من الحظوة والنزاهة والشرف والمدح أكثر من الغنى الذي يناله من كان فقير النفس فإنه يورطه في رذائل الأمور وخسائس الأفعال لدناءة همته فيصغر في العيون ويحتقر في النفوس ويصير أذل من كل ذليل والحاصل أن من رضي ‏[‏ص 359‏]‏ بالمقسوم فكأنه واجد أبداً ومن اتصف بفقر النفس فكأنه فاقد أبداً يأسف على ما فات ويهتم بما هو آت فمن أراد غنى النفس فليحقق في نفسه أنه تعالى المعطي المانع فيرضى بقضائه ويشكر على نعمائه ويفزع إليه في كشف ضرائه وأنشد بعضهم من قصيدة‏:‏

وعند مليكك فابغ العلـ * ــوّ وبالوحدة اليوم فاستأنس

فإن الغنى في قلوب الرجا * ل وإن التعزز في الأنفس

وكم قد ترى من أخي عسرة * غني وذي ثروة مفلس

ومن قائم شخصه ميت * على أنه بعد لم يرمس

وقيل‏:‏ أراد بغنى النفس حصول الكمالات العلمية والعملية وهو بعيد‏.‏

- ‏(‏حم ق ت ه عن أبي هريرة‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ رجال أحمد رجال الصحيح‏.‏

7580 - ‏(‏ليس الفجر بالأبيض المستطيل في الأفق‏)‏ أي الذي يصعد إلى السماء وتسميه العرب ذنب السرحان وبطلوعه لا يدخل وقت الصبح ‏(‏ولكن‏)‏ الفجر الحقيقي الذي يدخل به وقته وتدور عليه الأحكام هو ‏(‏الأحمر المعترض‏)‏ أي المنتشر في أطراف السماء‏.‏

- ‏(‏حم عن‏)‏ أبي علي ‏(‏طلق بن علي‏)‏ بن مدرك الحنفي السحيمي بمهملتين مصغراً الثماني صحابي له وفادة رمز المصنف لحسنه وهو كما قال فقد قال الحافظ العراقي‏:‏ إسناده حسن‏.‏

7581 - ‏(‏ليس الكذاب‏)‏ أي ليس يأثم في كذبه من قبيل ذكر الملزوم وإرادة اللازم ‏(‏بالذي‏)‏ وفي رواية الذي ‏(‏يصلح‏)‏ بضم الياء ‏(‏بين الناس‏)‏ أي من يكذب لإصلاح المتشاجرين أو المتباغضين فإن قيل‏:‏ هذا الحديث يعارضه خبر إنه عليه السلام رأى الكذاب يعذب بالكلوب من حديد قلنا‏:‏ العذاب على الكذب عام فيه كله وما جاء في غيره فهو تخصيص للعام وهذا هو الذي تناوله الحديث وكذا كل كذب يؤدي إلى خير كما أشار إليه بقوله ‏(‏فينمي‏)‏ بفتح أوله وكسر الميم مخففاً أي يبلغ ‏(‏خيراً‏)‏ على وجه الإصلاح ‏(‏ويقول خيراً‏)‏ أي يخبر بما عمله المخبر عنه من الخير ويسكت عما عمله من الشر فإن ذلك جائز بل محمود بل قد يندب بل قد يجب لكن في اشتراط قصد التورية خلف وليس المراد نفي ذات الكذب بل نفي إنمه فالكذب كذب وإن قيل لإصلاح أو غيره كذا قرره جمع وقال البيضاوي‏:‏ قوله ينمي خيراً أي يبلغ خير ما يسمعه وبدع شره يقال نميته الحديث مخففاً في الإصلاح ونميته مثقلاً في الإفساد والأول من النماء لأنه رفع لما يبلغه والثاني من النميمة وإنما نفى عن المصلح كونه كذاباً باعتبار قصده وهذه أمور قد يضطر الإنسان فيها إلى زيادة القول ومجاوزة الصدق طلباً للسلامة ودفعاً للضرر ورخص في اليسير من الفساد لما يؤمل فيه من الصلاح والكذب في الإصلاح بين اثنين أن ينمي من أحدهما إلى صاحبه خيراً ويبلغه جميلاً وإن لم يكن سمعه منه بقصد الإصلاح والكذب في الحرب أن يظهر في نفسه قوة ويتحدث بما يقوى به أصحابه ويكيد عدوه، والكذب للزوجة أن يعدها ويمنيها ويظهر لها أكثر مما في نفسه ليستديم صحبتها ويصلح به خلقها قال النووي‏:‏ وقد ضبط العلماء ما يباح من الكذب وأحسن ما رأيته في ضبطه قول الغزالي‏:‏ الكلام وسيلة إلى المقاصد فكل مقصود محمود يمكن التوصل إليه بالصدق والكذب جميعاً فالكذاب فيه حرام لعدم الحاجة وإن أمكن التوصل إليه بالكذب ولم يمكن بالصدق فالكذب فيه مباح لمباح وواجب لواجب وفي الحديث دليل الصوفية على ما يفعلونه من المكر بنفوسهم فيعدونها بشهوتها كي تبلغهم ما يريدون من الطاعة فإذا فعلت وعدوها بمواعد آخر ثم هكذا فالوعد للنفس بمرغوبها كالوعد للزوجة بذلك‏.‏‏[‏ص 360‏]‏

- ‏(‏حم ق د ت عن أم كلثوم بنت عقبة‏)‏ بن أبي معيط ‏(‏طب عن شداد بن أوس‏)‏ الخزرجي‏.‏

7582 - ‏(‏ليس المؤمن‏)‏ الكامل الإيمان ‏(‏الذي لا يأمن جاره بوائقه‏)‏ أي دواهيه جمع بائقة وهي الداهية أو الأمر المهلك وفي حديث الطبراني أن رجلاً شكى إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم من جاره فقال له‏:‏ أخرج متاعك في الطريق ففعل فصار كل من يمر عليه يقول‏:‏ ما لك فيقول‏:‏ جاري يؤذيني فيلعنه فجاء الرجل إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال‏:‏ ماذا لقيت من فلان أخرج متاعه فجعل الناس يلعنوني ويسبوني فقال‏:‏ إن اللّه لعنك قبل أن يلعنك الناس‏.‏

- ‏(‏طب‏)‏ وكذا في الأوسط ‏(‏عن طلق بن علي‏)‏ رمز المصنف لحسنه قال الهيثمي‏:‏ فيه أيوب بن عتبة ضعفه الجمهور وهو صدوق كثير الخطأ‏.‏

7583 - ‏(‏ليس المؤمن‏)‏ التعريف للجنس أي ليس المؤمن الذي عرفته أنه مؤمن كامل الإيمان ‏(‏بالذي يشبع‏)‏ لفظ رواية الحاكم بالذي يبيت شبعاناً ‏(‏وجاره‏)‏ أي والحال أن جاره ‏(‏جائع إلى جنبه‏)‏ لإخلاله بما توجه عليه في الشريعة من حق الجوار وتهاونه في فضيلة الإطعام التي هي من شرائع الإسلام سيما عند حاجته وخصاصته وألصق الجوار جوار الزوجة والخادم والقريب وقد كان للمصطفى صلى اللّه عليه وسلم كما في مسلم جار فارسي طيب المرق فصنع طعاماً ودعاه فقال‏:‏ أنا وهذه يعني عائشة فلم يأذن لها فامتنع المصطفى صلى اللّه عليه وسلم من إجابته لما كان بها من الجوع فلم يستأثر عليها بالأكل وهذا قضية مكارم الأخلاق سيما مع أهل بيت الرجل ولذلك قيل‏:‏ وشبع الفتى لؤم إذا جاع جاره‏.‏

- ‏(‏خد طب ك‏)‏ في البيع وغيره ‏(‏هق‏)‏ كلهم ‏(‏عن ابن عباس‏)‏ قال الحاكم‏:‏ صحيح فتعقبه الذهبي في التلخيص بأنه من حديث عبد العزيز بن يحيى وليس ثقة وفي المهذب بأن فيه ابن المجاور مجهول وقال الهيثمي‏:‏ رجال الطبراني ثقات وقال المنذري‏:‏ رواه الطبراني وأبي يعلى ثقات‏.‏

7584 - ‏(‏ليس المؤمن بالطعان‏)‏ أي الوقاع في أعراض الناس بنحو ذم أو غيبة قال في الأساس‏:‏ ومن المجاز طعن فيه وعليه وهو طعان في أعراض الناس قال ابن العربي‏:‏ وإنما سماه طعناً لأن سهام الكلام كسهام النصال حساً وجرح اللسان كجرح اليد ‏(‏ولا اللعان‏)‏ أي الذي يكثر لعن الناس بما يبعدهم من رحمة ربهم إما صريحاً كأن يقول لعنة اللّه على فلان أو كناية كغضبه عليه أو أدخله النار ذكره الطيبي ‏(‏ولا الفاحش‏)‏ أي ذي الفحش في كلامه وفعاله قال ابن العربي‏:‏ والفحش الكلام بما يكره سماعه مما يتعلق بالدين ‏(‏ولا البذي‏)‏ أي الفاحش في منطقه وإن كان الكلام صدقاً‏.‏

- ‏(‏حم خد ت‏)‏ في البر ‏(‏حب ك‏)‏ كلهم ‏(‏عن ابن مسعود‏)‏ قال الترمذي‏:‏ حسن غريب ولم يبين المانع من صحته قال ابن القطان‏:‏ ولا ينبغي أن يصح لأن فيه محمد بن سابق البغدادي وهو ضعيف وإن كان مشهوراً وربما وثقه بعضهم وقال الدارقطني‏:‏ روي مرفوعاً وموقوفاً والوقف أصح‏.‏

7585 - ‏(‏ليس المسكين‏)‏ بكسر الميم وقد تفتح أي الكامل في المسكنة قال في الكشاف‏:‏ والمسكين الدائم السكون إلى الناس لأنه لا شيء له كالسكير الدائم السكر ‏(‏الذي يطوف على الناس‏)‏ يسألهم التصدق عليه ‏(‏فترده اللقمة واللقمتان‏)‏ وفي رواية الأكلة والأكلتان ‏[‏ص 361‏]‏ بالضم ‏(‏والتمرة والتمرتان‏)‏ بمثناة فوقية فيهما لأن المتردد على الأبواب قادر على تحصيل قوته وربما يقع له زيادة عليه فليس المراد نفي المسكنة عن الطواف بل نفي كمالها لإجماعهم على أن السائل الطواف المحتاج مسكين ‏(‏ولكن المسكين‏)‏ الكامل بتخفيف نون لكن فالمسكين مرفوع وبشدها فهو منصوب ‏(‏الذي لا يجد غنى‏)‏ بكسر الغين مقصوراً أي يساراً ‏(‏يغنيه‏)‏ صفة له وهو قدر زائد على اليسار إذ لا يلزم من حصول اليسار الغنية به بحيث لا يحتاج لغيره ‏(‏ولا يفطن له‏)‏ بضم الياء وفتح الطاء أي لا يعلم بحاله ‏(‏فيتصدق عليه‏)‏ بضم الياء مبنياً للمجهول ‏(‏ولا يقوم فيسأل الناس‏)‏ برفع المضارع الواقع بعد الفاء في الموضعين عطفاً على المنفي المرفوع فينسحب النفي عليه أي لا يفطن له فلا يتصدق عليه ولا يقوم فلا يسأل الناس وبالنصب فيهما بأن مضمرة ثم إن النفي في قوله لا يجد إلخ محتمل لأن يراد نفي أصل اليسار أو نفي اليسار المقيد بأن يغنيه مع وجود أصل اليسار وعلى الثاني ففيه أن المسكين من يقدر على مال أو كسب يقع موقعاً من حاجته ولا يكفيه فهو أحسن حالاً من الفقير وبه أخذ الجمهور وعكس قوم وسوَّى آخرون‏.‏

- ‏(‏مالك‏)‏ في الموطأ ‏(‏حم ق د ن عن أبي هريرة‏)‏ ظاهر عزوه إلى من ذكر أن بقية الستة لم يخرجوه لكن حكى بعضهم الاتفاق عليه من حديث عائشة‏.‏

7586 - ‏(‏ليس الواصل‏)‏ اللام لتعريف الجنس أي ليس حقيقة الواصل ومن يعتد بوصله ‏(‏بالمكافئ‏)‏ أي المجازي غيره بمثل فعله إن صلة فصلة وإن قطعا فقطع ‏(‏ولكن‏)‏ الرواية بالتشديد ويجوز التخفيف ‏(‏الواصل‏)‏ الذي يعتد بوصله هو ‏(‏الذي إذا قطعت‏)‏ قال في الرياض‏:‏ بفتح القاف والطاء وقوله ‏(‏رحمه‏)‏ مرفوع ‏(‏وصلها‏)‏ يعني وصل قريبه الذي قاطعه نبه به على أن من كافأ من أحسن إليه لا يعد واصلاً للرحم وإنما الواصل الذي يقطعه قريبه فيواصل هو وهذا إشارة إلى الرتبة العليا في ذلك وإلا فلو لم يقطعه أحد من قرابته واستمر هو على مواصلاتهم عدَّ واصلاً لكن رتبته دون من وصل من قطعه وللعراقي هنا تقرير تعقبه تلميذه ابن حجر بالرد‏.‏

- ‏(‏حم خ د‏)‏ في الزكاة ‏(‏ت‏)‏ في البر ‏(‏عن ابن عمرو‏)‏ بن العاص ورواه عنه أيضاً ابن حبان وغيره‏.‏

7587 - ‏(‏ليس‏)‏ وفي رواية ما ‏(‏أحد أحب إليه المدح‏)‏ أي الثناء بالجميل ‏(‏من اللّه‏)‏ أي أنه يحب المدح من عباده ليثيبهم على مدحهم الذي هو بمعنى الشكر والاعتراف بالعبودية للواحد الخالق المنعم القهار فإذا كان الأشخاص المعلولون المربوبون المذنبون المقصرون يحبون المدح فالذي يستحقه أولى وأحق، تبارك الممدوح في أوصافه المحمود على أفعاله المنعم على عباده البر الرؤوف الرحيم قال في التنقيح‏:‏ فهم النووي منه أن يقال مدحت اللّه وليس صريحاً لاحتمال كون المراد أنه تعالى يجب أن يمدح غيره لا أن المراد يحب أن يمدحه غيره ‏(‏ولا أحد أكثر معاذير من اللّه‏)‏ جمع بين محبة المدح والعذر الموجبين لكمال الإحسان وبين أنه لا يؤاخذ عبيده بما ارتكبوه حتى يعذر إليهم المرة بعد الأخرى ولأجل ذلك أرسل رسله وأنزل كتبه إعذاراً وإنذاراً وهذا غاية المجد والإحسان ونهاية الكمال والامتنان فهو لا يسرع بإيقاع العقوبة من غير إعذار منه ومن غير قبول للعذر، ممن اعتذر إليه، وفيه دلالة على كرم اللّه وقبوله عذر عباده فقد بسط عذرهم ودلهم على موضع التملق له وعرفهم أنه يقيل عثراتهم ويعفو عن زلاتهم ويتجاوز عن سقطاتهم‏.‏

- ‏(‏طب عن الأسود بن سريع‏)‏ ظاهر اقتصاره على عزوه للطبراني أنه لا يوجد مخرجاً لأحد من الستة فإن أراد باللفظ فمسلم وإلا فممنوع فقد رواه البخاري في التوحيد ومسلم في اللعان بلفظ لا أحد أحب إليه المدحة من اللّه عز وجل ومن أجل ذلك وعد اللّه الجنة ولا أحد أحب إليه العذر من اللّه ومن أجل ذلك بعث المنذرين والمبشرين اهـ‏.‏ وفي مسلم في التوبة من حديث ابن ‏[‏ص 362‏]‏ مسعود ليس أحد أحب إليه المدح من اللّه من أجل ذلك مدح نفسه وليس أحد أغير من اللّه من أجل ذلك حرم الفواحش وليس أحد أحب إليه العذر من اللّه من أجل ذلك أنزل الكتاب وأرسل الرسل اهـ بنصه‏.‏

7588 - ‏(‏ليس أحد أفضل عند اللّه من مؤمن يعمر في الإسلام لتكبيره وتحميده وتسبيحه وتهليله‏)‏ أي لأجل صدور ذلك منه ومن شأنه هذا فهو خير الناس لقوله في الخبر المار خيركم من طال عمره وحسن عمله لفظ رواية أحمد تسبيحه وتكبيره وتهليله قال في الكشاف‏:‏ وأحد في الأصل بمعنى واحد وهو الواحد ثم وضع في النفي العام مستوياً فيه المذكر والمؤنث والواحد وما وراءه‏.‏

- ‏(‏حم عن طلحة‏)‏ بن عبيد اللّه رمز المصنف لصحته وهو كما قال فقد قال الهيثمي‏:‏ رجاله رجال الصحيح ورواه من الستة النسائي أيضاً فما أوهمه اقتصار المصنف على أحمد من أنه لم يخرج في أحدها غير جيد وسببه كما رواه أحمد وغيره أن ثلاثة من بني عذرة أسلموا فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ من يكفيهم قال أبو طلحة‏:‏ أنا فبعث النبي صلى اللّه عليه وسلم فخرج أحدهم فيه فقتل ثم آخر فقتل ثم مات الثالث فرآهم أبو طلحة في الجنة والميت على فراشه أمامهم وأولهم فذكر ذلك للنبي صلى اللّه عليه وسلم فذكره‏.‏

7589 - ‏(‏ليس أحد أحق بالحدة من حامل القرآن‏)‏ لعزة القرآن ‏(‏في جوفه‏)‏ يعني بحيث لا يؤدي إلى ارتكاب محذور أو أراد بالحدة الصلابة في الدين‏.‏

- ‏(‏أبو نصر السجزي في‏)‏ كتاب ‏(‏الإبانة‏)‏ عن أصول الديانة ‏(‏فر‏)‏ من حديث بشر بن الحسين عن الزبير بن عدي ‏(‏عن أنس‏)‏ قال في الميزان‏:‏ بشر هذا قال الدارقطني‏:‏ متروك وقال ابن عدي‏:‏ عامة حديثه غير محفوظ وقال أبو حاتم‏:‏ يكذب على الزبير ثم ساق له مما أنكروه عليه أخباراً هذا منها وقال‏:‏ لا يصح شيء منها وفي اللسان عن ابن حبان‏:‏ لا ينظر في شيء رواه عن الزبير إلا على جهة التعجب وكذبه الطيالسي‏.‏

7590 - ‏(‏ليس أحد من أمتي‏)‏ أي أمة الإجابة ‏(‏يعول ثلاث بنات‏)‏ أي يقوم بما يحتجنه من نحو قوت وكسوة ‏(‏أو ثلاث أخوات‏)‏ له ‏(‏فيحسن إليهن‏)‏ أي يعولهن ومع ذلك يحسن إليهن في الإقامة عليهن بأن لا يمن عليهن ولا يظهر لهن الضجر والملل ولا يحملهن ما لا يطقنه ‏(‏إلا كنَّ له ستراً من النار‏)‏ أي وقاية من دخول نار جهنم لأنه كما سترهن في الدنيا عن ذل السؤال وهتك الأعراض باحتياجهن إلى الغير الذي ربما جر إلى الخنا والزنا جوزي بالستر من النار جزاء وفاقاً‏.‏

- ‏(‏هب عن عائشة‏)‏ رمز لحسنه‏.‏

7591 - ‏(‏ليس أحد منكم بأكسب من أحد قد كتب اللّه المصيبة والأجل وقسم المعيشة والعمل فالناس يجرون فيها إلى منتهى‏)‏ أي يستديمون السعي المتواصل في ذلك إلى نهاية أعمارهم فاعتمد أيها العاقل على التقدير السابق واشهد مجرى الأحكام في العقل اللاحق وانظر بعين البصيرة ترى حكم العالم بأسره في يد الواحد من غير زائد قسم الآجال والأرزاق ‏[‏ص 363‏]‏ بحكمته وقدرها بمشيئته، سمع بعضهم هاتفاً يقول‏:‏

نحن قسمنا الأرزاق بين * الورى فأدب النفس ولا تعترض

وسلم الأمر لأحكامنا * فكل عبد رزقه قد فرض

فانشق عبير نسمات اللفظ أنساً، وطب به سبحانه حياة ويقيناً ونفساً واعلم بأن الرزق لا يأتي بحيلة وتدبير، وإنما يأتي بقسمة الواحد القدير‏:‏

ولو كانت الأرزاق تأتي بحيلة * هلكن إذاً من جهلهن البهائم

- ‏(‏حل عن ابن مسعود‏)‏‏.‏

7592 - ‏(‏ليس‏)‏ وفي رواية ما ‏(‏أحد أصبر‏)‏ من الصبر وأصله حبس النفس على ما تكرهه وهو في صفة الباري تأخير العذاب عن مستحقه فالمراد من أفعل نفي ذات المفضل عليه وإذا انتفت ذاته انتفت المساواة والنقص بالأولى ‏(‏على أذى‏)‏ مصدر أذى يؤذي يعني المؤذي أي كلام مؤذ ‏(‏يسمعه من اللّه‏)‏ أي ليس أحد أشد صبراً من اللّه بإرسال العذاب إلى مستحقه وهم الكفار على القول القبيح الآتي وفيه إيماء إلى أن الصبر على تحمل الأذى محمود وترك الانتقام ممدوح ولهذا كان جزاء الصبر غير محصور إذ الصبر والحلم في الأمور هو التخلق بأخلاق مالك أزمة الأمور وبالصبر يفتح كل باب مغلوق ويسهل كل صعب مرتج وهنا سر بديع وهو أن من تعلق بصفة من صفاته تعالى أدخلته تلك الصفة عليه وأوصلته إليه فهو الصبور، أوحى اللّه إلى داود تخلق بأخلاقي ومن أخلاقي أنى أنا الصبور ثم بين الأذى المسموع بقوله ‏(‏إنهم ليدعون له ولداً ويجعلون له أنداداً‏)‏ ولو نسب ذلك إلى ملك من أحقر ملوك الدنيا لاستنكف وامتلأ غضباً وأهلك قائله فسبحانه ما أحلمه وما أرحمه ‏{‏وربك الغفور ذو الرحمة لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب‏}‏ ‏(‏وهو مع ذلك‏)‏ يحبس عقوبته عنهم ولا يعاجلهم بل ‏(‏يعافيهم‏)‏ أي يدفع عنهم المكاره والمعافاة دفع المكروه ‏(‏ويرزقهم‏)‏ فهو أصبر على الأذى من الخلق فإنهم يؤذون بما هو فيهم وهو يؤذى بما ليس فيه وهم إن صبروا صبروا تكلفاً وضعفاً وصبره حلم ولطف وفيه إبانة عن كرم اللّه وصفحه وفضله في تأخير معاجلة العذاب وإدرار الرزق على مؤذيه فهذا كرمه في معاملة أعدائه فما ظنك بمعاملة أصفيائه وفيه حث على تحمل الأذى فيما يؤلم العبد ليجازى غداً جزاء الصابرين ‏{‏إن رحمة اللّه قريب من المحسنين‏}‏‏.‏

- ‏(‏ق عن أبي موسى‏)‏ الأشعري عبد اللّه بن قيس رواه عنه النسائي في التفسير‏.‏

7593 - ‏(‏ليس بحكيم من لم يعاشر بالمعروف من لا بد من معاشرته‏)‏ من نحو زوجة وأمة وأهل وفرع وخادم وصديق ورفيق وجار وأجير ومعامل وخليط وشريك وصهر وقريب ونحو ذلك ‏(‏حتى‏)‏ أي إلى أن ‏(‏يجعل اللّه له من ذلك مخرجاً‏)‏ يشير إلى أن التباين في الناس غالب واختلافهم في الشيم ظاهر ومن رام عيالاً أو إخوانا تتفق أحوالهم جميعهم فقد رام أمراً متعذراً بل لو اتفقوا لربما وقع بينهم خلل في نظامه إذ ليس واحد من هؤلاء يمكن الاستعانة به في كل الأحوال ولا المجبولون على الخلق الواحد يمكن أن يتصرفوا في جميع الأعمال وإنما بالاختلاف يكون الائتلاف والإخوان ثلاث طبقات طبقة كالغذاء لا يستغنى عنه وطبقة كالدواء يحتاج إليه أحياناً وطبقة كالداء لا يحتاج إليه أبداً وفي الحديث أعظم حث على المداراة وحسن الصحبة وقد تطابقت على ذلك الملل والنحل وتواصوا به حتى من أنكروا ‏[‏ص 364‏]‏ المعاد وحشر الأجساد قال الأصمعي‏:‏ لما حضرت جدي الوفاة جمع بنيه فقال‏:‏ عاشروا معاشرة إن عشتم حنوا إليكم وإن متم بكوا عليكم، أوحى اللّه إلى داود ما لي أراك خالياً قال‏:‏ هجرت الناس فيك يا رب قال‏:‏ ألا أدلك على ما تستثني به وجوه الناس إليك وتبلغ به رضاي‏؟‏ خالق الناس بأخلاقهم واحتجر الإيمان بيني وبينك، وفي العوارف لا يستدل على قوة العقل والحلم بمثل حسن المداراة‏.‏

- ‏(‏هب‏)‏ وكذا الحاكم وعنه ومن طريقه خرجه البيهقي مصرحاً فلو عزاه للأصل كان أحق ‏(‏عن أبي فاطمة الإيادي‏)‏ بكسر الهمزة وفتح المثناة تحت ودال مهملة نسبة إلى إياد نزار بن معد بن عدنان ثم قال الحاكم‏:‏ لم نكتبه عنه إلا بهذا الإسناد وإنما نعرفه عن محمد بن الحنفية من قول الحاتم اهـ‏.‏ وقال ابن حجر‏:‏ المعروف موقوف وقال العلائي‏:‏ هذا إنما هو من كلام ابن الحنفية‏.‏

7594 - ‏(‏ليس بخيركم من ترك دنياه لآخرته ولا آخرته لدنياه حتى يصيب منهما جميعاً فإن الدنيا بلاغ إلى الآخرة ولا تكونوا كلاً‏)‏ أي عيالاً وثقلاً ‏(‏على الناس‏)‏ لأنه سبحانه أنزل المال ليستعان به على إقامة حقوقه الموصلة إلى الدار الآخرة لا للتلذذ والتمتع فهو وسيلة إلى الخير والشر فأربح الناس من جعله وسيلة إلى الدار الآخرة وأخسرهم من توسل به إلى هواه ونيل مناه والدنيا على الحقيقة لا تذم وإنما يتوجه الذم إلى فعل العبد فيها وهي قنطرة ومعبرة إلى الجنة أو النار ولكن لما غلبت عليها الحظوظ والغفلة والإعراض عن اللّه والذم للآخرة وصار ذلك هو الغالب على أهلها ذمت عند الإطلاق وإلا فهي مزرعة الآخرة ومنها زاد الجنة ولهذا قال بعض السلف‏:‏ المال سلاح المؤمن وقال سفيان‏:‏ وكانت له بضاعة يقلبها لولاها لتمندل بي بنو العباس وقيل له‏:‏ إنها تدنيك من الدنيا قال‏:‏ لئن أدنتني منها لقد صانتني عنها وكانوا يقولون‏:‏ أنجروا فإنكم في زمان إذا احتاج أحدكم كان أول ما يأكل بدينه‏.‏

- ‏(‏ابن عساكر‏)‏ في تاريخه ‏(‏عن أنس‏)‏ بن مالك ورواه عنه أيضاً الديلمي باللفظ المزبور فلو ضمه إليه في العزو كان أولى‏.‏

7595 - ‏(‏ليس بمؤمن من لا يأمن جاره غوائله‏)‏ أي ليس المؤمن الكامل الإيمان من يفعل ذلك وقد ورد الحث على إكرام الجار في الكتب السماوية، قال في التوراة‏:‏ إذا سكن بينكم الذي يقبل إليَّ فلا تظلموه بل أنزلوه منزلة أحدكم وصيروه منكم الذين يقبلون إليَّ ويسكنون معكم أحبوهم كما تحبون أنفسكم‏.‏

- ‏(‏ك عن أنس‏)‏‏.‏

7596 - ‏(‏ليس بمؤمن مستكمل الإيمان من لم يعد البلاء نعمة والرخاء مصيبة‏)‏ قالوا‏:‏ كيف يا رسول اللّه قال‏:‏ إن البلاء لا يتبعه إلا الرخاء وكذلك الرخاء لا يتبعه إلا البلاء والمصيبة، هذا بقية الحديث، فما أوهمه صنيع المصنف من أن ما ذكره هو الحديث بتمامه غير جيد‏.‏

- ‏(‏طب عن ابن عباس‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه عبد العزيز بن يحيى المدني قال البخاري‏:‏ كان يضع الحديث اهـ‏.‏ فكان ينبغي للمصنف حذفه من كتابه‏.‏

7597 - ‏(‏ليس بين العبد والشرك إلا ترك الصلاة فإذا تركها فقد أشرك‏)‏ أي فعل فعل أهل الشرك ولا يكفر حقيقة إلا إن جحد وجوبها‏.‏

- ‏(‏ه عن أنس‏)‏ بن مالك رمز المصنف لصحته ورواه مسلم بدون فإذا إلخ‏.‏

‏[‏ص 365‏]‏ 7598 - ‏(‏ليس بي رغبة عن أخي موسى‏)‏ بن عمران ‏(‏عريش كعريش موسى‏)‏ أي ليس أريد مسكناً في الدنيا غير عريش كعريش موسى، خشيبات وعويدات رئاث، فلا أتبوأ القصور ولا أزخرف الدور، قال في الكشاف‏:‏ كل مرتفع أظلك من سقف بيت أو خيمة أو كرم أو ظلة فهو عريش‏.‏

- ‏(‏طب عن عبادة بن الصامت‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه عيسى بن سنان ضعفه أحمد وغيره ووثقه العجلي وابن حبان‏.‏

7599 - ‏(‏ليس شيء أثقل في الميزان من الخلق‏)‏ بالضم ‏(‏الحسن‏)‏ لأن صاحبه في درجة الصائم القائم بل فوق درجتهما لأن الحسن الخلق لا يحمل غيره أثقاله ويتحمل أثقال غيره وخلقهم كما سبق فهو في الميزان أثقل لما تقرر من أن جهاد النفس على تحمل ثقلها وثقل غيرها أمر مهول لا يثبت له إلا الفحول‏.‏

- ‏(‏حم‏)‏ وكذا أبو نعيم في الحلية ‏(‏عن أبي الدرداء‏)‏ رمز المصنف لصحته وقال أبو نعيم‏:‏ غريب من حديث الثوري عن إبراهيم بن نافع‏.‏

7600 - ‏(‏ليس شيء أحب إلى اللّه تعالى من قطرتين وأثرين‏:‏ قطرة دموع‏)‏ أي قطراتها فلما أضيفت إلى الجمع أفردت ثقة بذهن السامع نحو كلوا في بطنكم ‏(‏من خشية اللّه‏)‏ أي من شدة خوف عقابه أو عتابه ‏(‏وقطرة دم تهراق في سبيل اللّه‏)‏ أفرد الدم وجمع الدمع تنبيهاً على تفضيل إهراق الدم في سبيل اللّه على تقاطر الدموع ‏(‏وأما الأثران فأثر في سبيل اللّه وأثر في فريضة من فرائض اللّه‏)‏ قال ابن العربي‏:‏ الأثر ما يبقى بعده من عمل يجري عليه أجره من بعده ومنه قوله ‏{‏ونكتب ما قدموا وآثارهم‏}‏ وقال غيره‏:‏ الأثر ما يبقى من رسوم الشيء وحقيقته ما يدل على وجود الشيء والمراد خطوة الماشي وخطوة الساعي في فريضة من فرائض اللّه أو ما بقي على المجاهد من أثر الجراحات وعلى الساعي المتعب نفسه في أداء الفرائض والقيام بها والكد فيها كاحتراق الجبهة من حر الرمضاء التي يسجد عليها وانفطار الأقدام من برد ماء الوضوء ونحو ذلك‏.‏

- ‏(‏ت‏)‏ في الجهاد ‏(‏والضياء‏)‏ المقدسي في المختارة ‏(‏عن أبي أمامة‏)‏ الباهلي وفي سند الترمذي الوليد بن جميل قال في الكاشف‏:‏ لينه أبو زرعة‏.‏

7601 - ‏(‏ليس شيء أطيع اللّه تعالى فيه أعجل ثواباً من صلة الرحم‏)‏ أي الإحسان إلى الأقارب بقول أو فعل ‏(‏وليس شيء أعجل عقاباً من البغي‏)‏ أي التعدي على الناس ‏(‏وقطيعة الرحم‏)‏ بنحو إساءة وهجر ‏(‏واليمين الفاجرة‏)‏ أي الكاذبة ‏(‏تدع‏)‏ أي تترك ‏(‏الديار بلاقع‏)‏ بفتح الباء واللام وكسر القاف جمع بلقع وهي الأرض القفراء التي لا شيء فيها يريد أن الحالف يفتقر ويذهب ما في بيته من الرزق، وقيل‏:‏ هو أن يفرق اللّه شمله وبغير عليه ما أولاه من نعمه‏.‏

- ‏(‏هق عن أبي هريرة‏)‏ رمز المصنف لحسنه‏.‏